المركز الإعلامي

18 يوليو 2019 هيئة الثقافة تعقد مؤتمراً صحفياً بمناسبة إعلان تلال مدافن دلمون على قائمة التراث العالمي، ومعالي الشيخة مي: نهدي هذا المنجز إلى قيادتنا الرشيدة التي تؤمن بالثقافة وتراهن على قدرتها على صناعة مستقبل أفضل للبحرين
هيئة الثقافة تعقد مؤتمراً صحفياً بمناسبة إعلان تلال مدافن دلمون على قائمة التراث العالمي، ومعالي الشيخة مي: نهدي هذا المنجز إلى قيادتنا الرشيدة التي تؤمن بالثقافة وتراهن على قدرتها على صناعة مستقبل أفضل للبحرين

في قاعة المدافن بمتحف البحرين الوطني حيث تستقر مقتنيات تختزل تاريخ وتقاليد حقبة هامة من حضارة دلمون، عقدت هيئة البحرين للثقافة والآثار مؤتمراً صحفياً اليوم الخميس الموافق 18 يوليو 2019م بمناسبة إعلان موقع تلال مدافن دلمون على قائمة التراث العالمية لمنظمة اليونيسكو مطلع الشهر الجاري خلال اجتماع لجنة التراث العالمي الثالث والأربعين في العاصمة الأذربيجانية باكو، وذلك بحضور معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار، حضور دبلوماسي عربي ودولي، إضافة إلى تواجد عدد من المهتمين بالشأن الثقافي في مملكة البحرين.

وانطلق المؤتمر الصحفي بعرض مقطع مصوّر يوثّق لحظات تسجيل موقع تلال مدافن دلمون على قائمة التراث العالمي أثناء اجتماع لجنة التراث العالمي الثالث والأربعين. وبهذه المناسبة قالت معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة: "اليوم نحتفي بثالث موقع بحريني على قائمة التراث الإنساني العالمي لمنظمة اليونيسكو، موقع تلال مدافن دلمون، الذي يكرّس كافة تفاصيله وتاريخه وامتداده الجغرافي ليستعيد ذاكرة حضارة أثرت المشهد التاريخي خلال حقبة إنسانية هامة"، مضيفة: "نهدي هذا المنجز البحريني الجديد إلى قيادتنا الرشيدة متمثّلة بحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء الموقر وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، والذين يؤمنون بالثقافة ويراهنون على قدرتها على صناعة مستقبل أفضل لمملكة البحرين".

وأكدت معاليها على أهمية تسجيل موقع إضافي للبحرين على قائمة التراث العالمي، موضحة أن صناعة السياحة الثقافية تقوم على توفير تجربة ثقافية رائدة ومتميزة للزوّار عبر الاستثمار في المقومات الحضارية والتاريخية، وقالت: "البحرين تمتلك من المواقع التاريخية والمقدرّات الثقافية ما يمكّنها من تقديم نموذج ناجح وأصيل يعكس غنى وفرادة الثقافة والحضارة لمنطقتنا العربية". وأشارت معالي الشيخة مي إلى أن موقع تلال مدافن دلمون سيساهم برفقة موقعي قلعة البحرين وطريق اللؤلؤ في تعزيز البنية التحتية للسياحة الثقافية في المملكة، كما أكّدت أن هيئة البحرين للثقافة والآثار تعمل حالياً على إعداد أكثر من ملف يحكي فرادة واستثناء مواقع بحرينيّة، يمكنها أن تندرج ضمن لائحة التراث الإنساني العالمي لليونسكو. 

كما أشارت معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة إلى أن تسجيل موقع تلال مدافن دلمون يدعم حضور التراث الإنساني والحضاري للوطن العربي على المستوى الدولي، مشيرة إلى أن جهود البحرين في تسجيل الموقع على قائمة التراث العالمي جاءت ضمن عملها المستمر والدائم من أجل تعزيز مكانة الإرث العربي في قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو والذي يساهم بالحفاظ عليه المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي الذي يتخّذ من البحرين مركزاً له منذ عام 2012م.

وكانت لجنة التراث العالمي قد أعلنت تلال مدافن دلمون على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو، ليصبح بذلك ثالث مواقع البحرين على القائمة بعد موقع قلعة البحرين الذي أُدرج عام 2005م وموقع طريق اللؤلؤ في المحرّق والذي أُدرج على القائمة عام 2012م.

من جانبه استعرض الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة مدير إدارة المتاحف والآثار بهيئة الثقافة تفاصيل موقع تلال مدافن دلمون، حيث أشار إلى أن الموقع يمتد من شمال البحرين وحتى جنوبها. وقال إن مراحل تسجيل الموقع على قائمة التراث العالمي امتدت لحوالي عشر سنوات، موضحاً أن حكومة البحرين دعمت العمل على ملف التسجيل فيما تعاونت المؤسسات والهيئات الحكومية وأهالي المناطق المحيطة بتلال المدافن الدلمونية مع هيئة الثقافة لتحقيق هذا المنجز. وأضاف الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة أن الهيئة تُشرك كافة الأطراف المحلية والدولية في عملية صون وحماية الموقع، فهيئة الثقافة تتعاون مع بعثات دولية في هذا الشأن، كالبعثة الدنماركية والفرنسية وغيرها، إضافة إلى إشراك المجتمع المحلي، وخصوصاً سكّان المناطق المحيطة بتلال المدافن الدلمونية في عملية الصون والحفظ والإدارة.

من بعد ذلك تناول الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة الأجزاء المكوّنة لموقع تلال مدافن دلمون التي تعد أكبر وأكثف حقول تلال مدافن في العالم، موضحاً أن الموقع يتكون من 21 جزءاً تمتد لأكثر من 20 كيلومتراً وموزّعة على: حقل تلال مدينة حمد (بوري، كرزكان، دار كليب)، حقل تلال مدافن الجنبيّة، حقل تلال مدافن عالي الشرقي، الذي يحتوي على أكبر عدد من المدافن (4669 تلة دفن)، حقل تلال مدافن عالي الغربي، حيث تضم في مجموعها 11 ألفاً و774 تلة دفن، والتلال الملكيّة من 1 إلى 17.

وكانت لجنة التراث العالمي قد أدرجت الموقع على قائمة التراث العالمي بناء على معياريين من معايير الإدراج وهي المعيار الثالث الذي يشير إلى احتواء الموقع على شهادة فريدة واستثنائية لتقليد ثقافي وحضاري، والمعيار الرابع الذي يشير إلى كون الموقع يمثّل مثالاً بارزاً على نوعية من البناء توضح مرحلة هامة من تاريخ البشرية.

وتكمن أهمية موقع تلال مدافن دلمون في أنها تمثل شهادة على طريقة دفن فريدة من نوعها لحضارة دلمون المبكرة وهي فترة امتدت لحوالي 450 عاماً (من 2200 ق.م – 1750 ق.م). وبما أن بقايا المستوطنات التي ظهرت على أرض مملكة البحرين شحيحة ومدفونة تحت طبقة سميكة من التربة، فإن تلال مدافن دلمون هي الدليل الأكثر وضوحاً على ثقافة دلمون المبكرة. وإضافة إلى ذلك، فقد مكّن الازدهار الاقتصادي المكتسب في ذلك الوقت سكان الجزيرة القدامى من تطوير تقاليد دفن أكثر تفصيلاً استوعبت كافة فئات المجتمع ومختلف أعمارهم وأجناسهم وطبقاتهم الاجتماعية، كما أنها توفر أدلة حاسمة على تطور النخب والطبقات الحاكمة. ورغم أن تلال مدافن دلمون قد تأثرت بفعل التعرية والنهب جزيئاً في العصور القديمة، إلا أن عمارتها وتصميمها الداخلي بقي سليماً. وتشير الأدلة الأثرية إلى أن المدافن لم تشيد في الأصل كتلال، وإنما كأبراج أسطوانية الشكل. بينما تم بناء التلال الملكية التي تتميز بحجمها الواضح وغرف دفن مفصلة كأبراج دفن من طابقين.

يذكر أن مملكة البحرين كانت قد شاركت في اجتماع لجنة التراث العالمي كعضو في اللجنة التي تتكون من 21 دولة، حيث كانت البحرين قد فازت بعضويتها خلال الاجتماع الواحد والعشرين للجمعية العامة للدول المشاركة في اتفاقية التراث العالمي لعام 1972م والذي عقد نهاية عام 2017م. وبناء على هذه العضوية، فإن البحرين ساهمت بفعالية في تقييم ملفات ترشيح المواقع لدخول لجنة التراث العالمي، والتي وصلت إلى 37 ملفاً، إضافة إلى تقديم الآراء الفنية والتقنية حول الملفات والتأكد من مطابقتها للاشتراطات الدولية الضرورية لدخول القائمة.

وتشكّل لجنة التراث العالمي أداة هامة في تفعيل وتطبيق اتفاقية التراث العالمي لعام 1972م، حيث تجتمع اللجنة سنوياً من أجل النظر في ملفات ترشيح مواقع الدول المشاركة في الاتفاقية، لدخول قائمة التراث العالمي. هذا إضافة إلى متابعة حالة صون وحفظ وإدارة المواقع المسجلة في القائمة في مختلف الدول. وكانت مملكة البحرين قد استضافت خلال عام 2018م اجتماع لجنة التراث العالمي الثاني والأربعين في المنامة وذلك بعد فوز المملكة كذلك برئاسة اللجنة العام الماضي، بما يعكس نجاح البحرين على المستوى الدولي في مجال حماية التراث العالمي. هذا وتستضيف مملكة البحرين منذ عام 2012م المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي التابع لمنظمة اليونيسكو، والذي يعد المركز الوحيد من نوعه في المنطقة العربية، والذي يتابع مواقع التراث العالمي في مختلف الدول العربية ويقدّم الدعم التقني والاستشارات في مجال حفظ وصون التراث العالمي الثقافي والطبيعي.